(مولانا يقف).
مدد يا رجال. الله. الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله. الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد. نحن عبيدك يا ربنا! وكل الصلوات والتشريفات والتكريمات على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. يا ربنا أعطه من محيطات مجدك. أنت واحد أحد. أنت خالقنا. هب، يا ربنا لخليفتك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كل المجد والشرف، الذي وهبته لجميع خلقك. (مولانا يجلس).
دستور يا سيدي يا سلطان الأولياء، مدد، مدد.
أيها الناس! بدون وقود، لا يمكن للسيارة أو الطائرة أو أي جهاز آخر أن تعمل. لذلك، علينا الآن أن نتوجه إلى سيدنا، القطب المتصرف، الذي يراقب جميع ما يحدث في هذا العالم، بين الناس وبين سائر المخلوقات. كل المخلوقات تسبّح الله سبحانه وتعالى، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}. من غير تسبيح، لن يتمكن أحد من البقاء في هذا الوجود. التسبيح هو الذي يجعلهم يقفون على أقدامهم ويستمرون في الحياة، سواء عرفوا ذلك أم لم يعرفوا. إن عرفوا فهم مأجورون وإن لم يعرفوا فهم محرومون.
ونحيي ونسلّم على سيدنا سلطان الأولياء، ونطلب منه الدعم والمعونة. هم الذين أجلسوني هنا وهم سيتولّون مسؤولية ما ألقي به من خطاب للناس ولكافة الأمم والخلق أجمعين في هذه الأرض. كلٌ يأخذ من هذا الاجتماع (المجلس) المتواضع، على قدر حاجته. مثل هذه الصحبة تُنزل من السماء قوة، عن طريق سيدنا (سلطان هذه الأرض)، ثم تمتد لتعمّ كل الأشياء، حتى الذرة تبلغها.
للذرة حياة أيضاً، لكن ليست حياتها كحياة الأحياء. والأشياء لكي تبقى حيّة، عليها أن تكون موصولة بالسماء عن طريق سيد هذه الأرض. لذلك، الذرة حيّة، وكل شيء في الوجود حي، وإلا فهو مفقود. لا بقاء له. كل موجود جاء إلى هذا العالم، يجب أن يكون متصلاً بسلطان هذه الأرض، ليستمد منه القوة السماوية. والذرة تصلها هذه القوة، فتظهر في الوجود، ثم تأخذ شكلها وتندمج مع أصلها.
يقولون، بأن هناك 90 نوعاً (أو أقل منها أو أكثر)، من الذرة. {ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}. إنهم لا يستطيعون أن يجزموا قطعاً، بوجود 90 نوعاً من الذرات. هذا العلم مما يقع تحت سلطتنا وسوف يكون معروفاً. ولكن لا يمكنكم أن تحجزوه في مساحة وتضعوا له حدوداً. يقومون بمحاولات كثيرة، ويستخدمون طاقة هائلة، لإنشاء ذرة، ولكن ما أن تترك تلك القوة الذرة حتى تختفي. لا بقاء لها أكثر. ولكن إذا أراد سلطان هذه الأرض، أن ينشأ ذرة، فهل أجتاز تلك المقامات العلية والمقامات السماوية! وأنا أستحي كل الحياء، أن أرجع إلى الله سبحانه وتعالى، من أجل ذرة. حاشا، لا يمكن! لا يجوز أن نشغل الله سبحانه وتعالى من أجل إيجاد ذرة، لا! الله سبحانه وتعالى متفرغ (حر) من أي شيء في الوجود، {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْن}. الله سبحانه وتعالى يتجلى على الكون يومياً، ولا أحد يمكنه أن يعرف حقيقة هذا التجلي اليومي. لا يجوز أن نشغل الله سبحانه وتعالى بخلق الذرات وجلبها إلى الوجود.
يا علماء السلفية، مرحباً! ماذا تقولون عن وجود الله سبحانه وتعالى؟ ماذا تعرفون عن وصفه لذاته؟ لا يمكن لأحد أن يصف وجوده (ذاته). هو يصف ذاته بنفسه، ويقول، بسم الله الرحمن الرحيم،
{كنت كنزاً مخفياً فأردت أن أُعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني}
ماذا تقولون عن هذا الحديث القدسي؟ ما رأيكم (حكمكم) في قول "كُنت"؟ كان، لم يزل ولا يزال، من الأزل إلى الأبد، ولا أحد يعرف الأزل والأبد. لا أول ولا آخر. ماذا تقولون للناس، ليعرفوا عن وجود ربهم!
ونقول لكم الآن، السلام عليكم، لأولئك الناس، الذين يُسرّون عندما يسمعون أو يعرفون أشياء عن وجود ربهم. وكلمة "وجود" لفظ ضعيف لوصف الله سبحانه وتعالى به، لأنه يمكن أن يوصف به سائر الأحياء. ولكن لوصفه نقول وجوده هو! طبقاً لفهمنا نقول "وجود". ولكن وراء هذا، يوجد ملايين أوبلايين أو كتريليونات المرات من المعاني والمفاهيم عن وجود الله سبحانه وتعالى. ولكن، لا يمكن لأحد أن يسعه أو يستوعبه. فقط الله سبحانه وتعالى يمكنهُ.
"كنت"، أنا الذي كنت كنزاً مخفياً. هذه الكلمات، عندما نترجمها من العربية إلى لغة أخرى تفقد قوتها في التعبير، ولكن نحاول تقريب المعنى، لقوله سبحانه وتعالى،
{كنت كنزاً مخفياً}؛ ثلاث كلمات، إذا أردت أن تعبره بأية لغة أخرى، فكأنما تأخذ نقطة ماء من محيط كبير. يقول سبحانه وتعالى عن نفسه، "كنتُ" يعني، "أنا هنا" وليس لأحد غيره أن يقولها، فقط وحده يمكنه أن يقول، "أنا هنا، أنا ربكم!" إذا كنتم تسألون عن وجودي؛ فقط أقول لكم، "كنت كنزاً مخفياً!" ولكن ليس كنزاً يمكنكم أن تفهموه أو تسعوه في إدراككم. إنه كنز ليس كالكنوز التي تعرفونها، لا!
لو افترضنا أن كل ما في الوجود، بما فيها السموات السبع والأرضين السبع أصبحوا كنوزاً، فيمكنكم أن تفهموها وتستوعبوها، لأن كل الموجودات في مستوى إدراككم ويمكن لمخيلاتكم أن تصل إليها. ولكن، عندما آتيكم بوصف يتعلق بوجودي، "كنت كنزاً مخفياً"، من الأزل إلى الأبد، لا يمكن لأحد أن يعطي لها معنى. ليس هذا فقط، بل لن يتمكنوا من تحديد تلك المعاني، ولا ما تحمله تلك المعاني عن الوجود الحقيقي. إنهم لم يبلغوا من العلم شيئاً، أبداً.
(مولانا يقف) الله أكبر! الله أكبر، لا إله إلا الله. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. يا رب العالمين! الله أكبر.
إننا نتحدث عن الذرة، ونريد أن نسأل علماء السلفية، ماذا تعرفون عن كلمة، "كنز"! إن كانوا يدّعون بأنهم علماء، عليهم أن يدلوا بآرائهم حول هذه الكلمة. لأنها كلمة عربية، "كنز". لا تستغربوا إن وجدتم كنزاً يحتوي على ذرة أكبر من هذا العالم الذي ترونه. ولا تستغربوا، إن وجدتم أن الذرة الواحدة تحتوي على كنز. نعم، الذرة أيضاً تحتوي على كنز. كل ذرة هي كنز، وتحتوي على طاقة هائلة، لا متناهية.
أسألكم أيها العلماء! ما هي فكرتكم، هل تستطيعون أن تمسكوا بالذرة؟ أسألكم، هل يمكنكم حرقها؟ هل يستطيع أحد أن يحرق الذرة؟ مستحيل! إذن، لماذا تفخرون بأنفسكم أيها الناس؟ عليكم أن تضعوا جبهتكم أمام ربكم، الله أكبر (مولانا يركع)، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
يجعلون عبداً ضعيفاً يتحدث في شؤون غير معروفة، ويستحيل للعقل أن يستوعبها. مثل هذه المواضيع، من المستحيل أن تدركها وتفهمها.
ذرة! ما معنى ذرة؟ هل يستطيع أحد أن يقول شيئاً عن الذرة؟ إن صرّحنا وقلنا، بأن ذرة واحدة يمكن أن تكون أقوى من كل الخلائق، فلا تقل بأن هذا مستحيل ولا تقل هذا لا يمكن، بل هو ممكن! عندما نقول أن هذا ممكن، فإننا نقصد القوى السماوية التي وُضعت فيها. نحن ننظر إلى تلك القوة. هذه القوة لا يمكن إزالتها. لا يمكن أبداً!
كمثال بسيط لقوة الذرة؛ رب السموات، قد منح بعض الناس في هذا العالم، علم كيفية عمل القنبلة الذرية. إن قوة القنبلة الذرية، ليست لاحتوائها على ملايين الذرات، إنما هي فقط، قوة ذرة واحدة بسيطة. والجسيمات التي تحتويها الذرات، لا أحد يعلمها. لا أحد يعلم ماذا بداخل الذرة. إنهم يحاولون التوصل إلى شيء ما، ولكنهم لم يتمكنوا. لم يتسنى للإنسان الفرصة أن يتوصل إلى معرفة ما بداخل الذرة ولا أن يلمسها ولا أن يراها. لا يمكن رؤيتها ولا الوصول إليها ولا لمسها. وإن أطلقتها فستحرق أضعاف هذه الدنيا مئة مرة.
هو الخالق! يقول الله سبحانه وتعالى، "كنت كنزاً مخفياً". هذه الكلمات من الصعب جداً، أو من المستحيل أن يفهمها الناس. هناك في الوجود أشياء ممكنة وغير ممكنة. الممكن، هو ما يمكن رؤيته والنظر إليه. وغير الممكن، هو ما لا يمكن أن تعرفه أو تراه أو تلمسه، أو أن تستخدمه. الله أكبر، الله أكبر! إذا احتاج الأمر، فيمكن أن تُربط كُلاّباً على الذرة فتُعلق به الأرض، فترفعها الذرة إلى أعلى! هذا ممكن! ولمَ لا؟
يا علماء السلفية! هناك أشياء، تأتي عن طريق الرجال الربانيين المقدسين، وهذا عطاء منهم، لكشف اللثام عن بعض الأمور المتعلقة بوجود ربنا. من له ثمة معرفة، لن يسأل، "كيف هو ربنا؟" أتركوا مثل هذه الأسئلة، وأخبروني، "كيف هي الذرة؟" هل تعرفون؟ إذن لماذا تسأل، "كيف هو الله؟" "الذي كيَّف الكيف لا يُسأل عنه بكيف". هل تعرفون هذه المقولة؟
جاء رجل إلى علي رضي الله عنه وكرّم الله وجهه ليسأله، وكان علي بحراً في العلم، فقال له: "أين ربنا؟"
فقال: "الذي أوجد الأين، لا يُسأل عنه بأين!"
فقال له: "كيف ربنا؟"
فقال: "الذي كيَّف الكيف لا يُسأل عنه بكيف!"
أيها الناس! كلما حاولنا أن نعرف أكثر عن وجود ربنا، فإنه يستحيل علينا ويصعب أكثر. ولكن علينا أن نعرف، أن له وجود ليس كوجودنا أو كوجود سائر المخلوقات، أبداً. وجوده يختلف مئة بالمائة عن وجود كل المخلوقات. هو الخالق! ليس له مثيل من بين الخلائق، إطلاقاً. كلما ازددت معرفة، فاضت عليك أنوار من السماء. وكلما ازددت نوراً ازددت قدرة وكفاءة وسعة للنظر في الأشياء. لذلك، لا تحكم على الأشياء بأنها متشابهة، لا! كل الأشياء مختلفة عن بعضها البعض مئة بالمائة. وكذلك الذرات، هي أيضاً مختلفة عن بعضها البعض.
إذا كان من المستحيل أن تدركوا شيئاً عن الذرة، فكيف بوسعكم أن تسألوا، "كيف هو ربنا؟" أتركوا هذا الأمر. لأن محيطات معرفة رب السموات، مثل البرق تضيء كل حين، وكلما أضاءت حملت إلينا شيئاً، من تلك العلوم غير المعروفة، مع تجليات مختلفة وغير معروفة.
ما هي الذرة؟ إنهم ببساطة، يبحثون عن وصف للذرة. ما هي الذرة؟ العلماء يبحثون ويحاولون أن يفهموا سرّ الذرة، ويستخدمون حسابات رياضية لحل هذا اللغز. ولكي تزيل هذا الغموض الذي يكتنف وجود الذرة، عليك الغوص في محيط عميق.
أيها الناس، أيها المستمعين، السلام عليكم! في بعض الأحيان، يجعلونني أتحدث بهذه الطريقة، لإعدادكم (تحضيركم) ليوم الآخرة، ولإعطائكم ما هو ضروري عند مغادرة هذه الحياة الدنيا. هذه الحياة زائفة وهي مجال للخوض في محيطات معروفة لفهم الذرة. للذرة وجه لمحيطات معروفة، تستطيع أن تتوغل فيها وتفهم عنها شيئاً، كما أن لها وجه آخر لمحيطات غير معروفة عن ذاتها. حتى الذرة نفسها، لا تعرفها. كما أن الإنسان لا يعرف شيئاًً عن ذاته. أنتم أيها الناس، أهم وأشرف المخلوقات حتى من الكائنات السماوية، ومن الصعب جداً أن تعرفوا أنفسكم بأنفسكم.
تنظر في المرآة وتقول "أنا فلان" أحضر ما يثبت ذلك. ما هو الدليل؟ ما نقوم به الآن إنما هو، فقط إعدادكم، ليكون لكم قابلية وقدرة للاستيعاب. أنظر، هذه ساعة، كل الأجهزة التي بداخلها، نطرحها خارجاً، ومن ثم يُطلب منك أن تركبها من جديد، بالضبط كما كانت سابقاً. لن تتمكن من ترتيب الأشياء ووضعها في مكانها الصحيح، فكيف بالإنسان؟ كل إنسان، له خاصية تختلف عن الآخرين. كذلك، كل ذرة تختلف عن الأخرى. لا يمكن أن يكونوا نفس الشيء. وكما أن الناس، لا يشبه بعضهم بعضاً. كذلك، كل ذرة، لها شخصية ذاتية.
أيها الناس! لا تضيعوا أوقاتكم سدىً، وحاولوا أن تتقدموا إلى الأمام، أن تستمعوا وتفهموا شيئاً يتعلق في هذه الحياة القصيرة، تمنحكم شرفاً ورفعة بهويتكم الحقيقية في الآخرة.غفر الله لنا وبارك فيكم
الفاتحة.منحنا الله فهم بعض الأشياء!نحن لا نستطيع أن نفهم. الفهم والإدراك من عطايا ربنا.
قال يهودي لعلي رضي الله عنه وكرم الله وجهه: "أين ربنا؟"
فقال: "الذي أوجد الأين، لا يُسأل عنه بأين".
فقال له: "كيف ربنا؟"
فقال: "الذي كيَّف الكيف لا يقال عنه بكيف!"
فقال له: "متى كان ربنا؟"
فقال: "ويحك، ومتى لم يكن؟"
وسُئل عن القدر، فقال: "طريق مظلم فلا تسلكوه، وبحر عميق، فلا تلجوه، وسرّ الله فلا تتكلفوه!"
وسئل عن مسافة ما بين المشرق والمغرب فقال: "مسيرة يوم للشمس".
وسئل: "كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم؟"
فقال: "كما يرزقهم على كثرتهم".
فقالوا: "كيف يحاسبهم ولا يرونه؟"
فقال: "كما يرزقهم ولا يرونه!"
وسئل "لو سدّ على رجل باب بيته وترك فيه، من أين يأتيه رزقه؟"
فقال: "من حيث يأتيه أجله!"
وسئل عن التوحيد والعدل، فقال: "التوحيد ألا تتوهمه، والعدل ألا تتهمه!"
وقال له بعض اليهود: "ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه".
فقال: "إنما اختلفنا عنه لا فيه، ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر، حتى قلتم لنبيكم:
{اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، فقال: إنكم قوم تجهلون}.
وقالوا له: "صف لنا العاقل".
فقال: "هو الذي يضع الشيء مواضعه".
فقالوا له:"صف لنا الجاهل".
فقال: "قد فعلت": يعني، أنه الذي لا يضع الشيء مواضعه.
وقال لرجل، أفرط في الثناء عليه وكان له متهماً: "أنا دون ما تقول، وفوق ما في نفسك".
ومن قوله: "الهمّ نصف الهرم، وصحة الجسد من قلة الحسد!"