Go to media page Available in: English   Arabic  

مولانا الشيخ محمد هشام القبانى

خطبة الجمعة

18 فبراير 2011

ميشيجان

الولايات المتحدة الأمريكية

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،

إن الله و ملائكته يصلون على النبى، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما، اللهم صل على سيدنا محمد، من على الأنبياء تقدم، و كان أفصح العالمين منطقا إذا تكلم، سيدنا و نبينا أبا القاسم محمد، اللهم يا ربنا زده شرفا و كرما و تعظيما و إجلالاَ و قدراَ، و صلى و سلم و بارك عليه و على آله و صحبه أجمعين،

الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حى على الصلاه، حى على الصلاه، حى على الفلاح، حى على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.

الحمد لله، الحمد لله، نستعينه و نستغفره و نستهديه، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا، من يهدى الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادى له، و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و لا مثيل له، فى علو شأنه و عظيم سلطانه، و نشهد أن سيدنا و سندنا و مولانا محمدا عبده و حبيبه و رسوله أرسله من أرجح العرب ميزانا و أفصحها بيانا فأوضح الطريقة و نصح الخليقة صلى الله تعالى عليه و على آله و اصحابه وأزواجه و أولاده و زريته و خلفائة المهديين من بعده ووزرائه العاملين فى عهده، خصوصا منهم على الأئمة خلفاء رسول الله على التحقيق، أمراء المؤمنين، حضرات أبو بكر وعمر و عثمان و على ذو القدر الجليل وعلى بقية الصحابة و التابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

أيها المؤمنون الحاضرون أتقوا الله و أطيعوه أن الله مع الذين إتقوه والذين هم محسنون.

أيها المؤمنون يقول الرسول صلى الله عليه و سلم من علامات يوم القيامة فى حديث صحيح "ستكون فتن ققطع الليل المظلم، القاعد خير من الواقف، و الواقف خير من الماشى."

نشهد اليوم فى الكثير من الدول الإسلامية حالة من الحيرة و الفتن الكثيرة، بلد بعد الأخرى، و ذلك لأن الناس لا يحبون الجبروت، لا يحبون أن يسيطر عليهم شخص يعلمون ماضيه و حاضره و ما يصنع فى حياته، يجلس فوق رؤوسهم و يجعل حياتهم صعبة، فماذا يعملون؟ أنهم يتظاهرون و يقول لهم الجميع أن ما يفعلوه جيد و صحيح ويطلبون من الحكومات أن تدعهم يقولون ما يريدون. إذا كان ذلك صحيح بالنسبة للدنيا فلماذا لا يكون صحيح بالنسبة للآخرة؟ لماذا المسلمون الذين يقولون لا إله إلا الله و هى مفتاح الجنة...

اليوم الناس قد فاض بهم من الجبروت و هم يتظاهرون فى كل مكان و يقولون لا نريدك "إرحل". الناس يتقبلون ذلك و يتظاهرون. لماذا لانتظاهر ضد أنفسنا؟ و ضد الشيطان و نقول له أرحل؟ لماذا نتظاهر ضد الجبابرة من الناس و لا نتظاهر ضد الجبابرة من أنفسنا و من الجن و الشياطين؟ما هو الفرق؟ و ما هو الأقوى؟ ضد من علينا أن نتظاهر أكثر؟ضد جبار الدنيا أم ضد الجبار الذى بداخلنا و عنده بيت فى قلوبنا يدخل فيه؟ أنتظاهر ضد الشيطان أم لا؟ اليوم يتظاهرون بالنهار و بالليل و لا ينامون و لا يأكلون و دائما أفواهم مفتوحة بقول ما، و لقد أمرنا الله أن نذكره "الذاكرون الله و الذاكرات"، أن نفتح أفواهنا من أجل الله سبحانه و تعالى: " قل الله ثم ذرهم فى خوضهم يلعبون" الأنعام 91:6. قولوا لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله. أليس من الأحسن أن يقولوا لا إله إلا الله فى هذه الملايين الأربعة و الحشود من الناس؟ بدلا من أن نكتب يافطة إشتراكية أو ماركسية أو ليبرالية أو راديكالية أو متطرفة أو عنيفة، هذا مقبول و لكن يجب أن نفعل ذلك أيضا لأنفسنا، نكتب يافطة لأنفسنا، اليوم أكتب يافطة ضد شيطانى الراديكالى، و غدا أكتب يافطة ضد شيطانى العنيف، و بعد غد أكتب يافطة أقول لشيطانى أن يرحل و يتركنى وحدى. ماذا يجب أن نقول؟ لا نقول "إرحل" للشيطان، بل نقول الله، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، يا ربى يا الله. ماذا نفعل عندما نذهب لعرفات؟ أنجلس يوما بعرفات أم نفتح أفواهنا؟ ماذا نقول؟ نقول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك.

ماذا يفعلون فى تلك المظاهرات؟ أنا لا أقول لا تتظاهروا. بلى تظاهروا. فى كل هذه البلدان من شرق أسيا، أندونيسيا، ماليزيا و كل هذه البلاد حتى الشرق الأوسط و شمال أفريقيا. ماذا عليهم أن يفعلوا؟ علينا أن نتظاهر ضد الشيطان الذى بداخلنا، فى عرفات أنغلق أفواهنا أم نذكر الله سبحانه و تعالى و نقول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك." إن الله سبحانه و تعالى يريدنا أن نتظاهر ضد الشيطان بذكره سبحانه و تعالى. علينا أن نختار من نريد أن نذكر الله أم الشيطان؟

بعد ذكر الله سبحانه و تعالى فى عرفات طوال اليوم من الصباح حتى المغرب و الدعاء: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك."

نذهب للمزدلفى ومنى وماذا نفعل هناك؟ فى المزدلفة الجميع مشغولون بجمع الحجر، لماذا يجمعون الحجر؟ لماذا يرمز جمع الحجر؟ هذه هى سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم. لماذا؟ لكى نذهب فى اليوم التالى صباحاَ أو ظهراَ و نأخذ سبعة جمرات و نذهب إلى أكبر شيطان ونرجمه، الله أكبر رضا للرحمن،الله أكبر رضاَ للرحمان، رجماَ للشيطان رضاَ للرحمان. نلقى الجمرات واحدة تلو الأخرى. ألا نستطيع أن نفعل ذلك فى منى فقط أم من الممكن أن نفعل ذلك كل يوم فى حياتنا؟ إن عرفات و منى و الكعبة و المزدلفى و الصفا و المروه معنا خمسة مرات فى اليوم. عندما نقول الله أكبر إلى أين نذهب؟ ألا نذهب إلى الكعبة فى عالمنا الروحانى؟ نحن نتأمل الكعبة عندما نصلى .وعندما نقول الله أكبر نرجم الشيطان فى وجه فهو لا يحب أن نقول الله أكبر. هذه علامة أنك تقول يا ربى أنا لا أريد هذا الشيطان أن يكون معى عندما تقول الله أكبر أين تذهب؟ إن الصلاه رمز للحج، و هى أيضا رمز للصيام لأننا لا نأكل و نحن نصلى، و الصلاه أيضا رمز للصدقة لأننا نعطى من وقتنا و لا نعمل لكسب الرزق فى وقت الصلاه. و فى الصلاه نشهد على التوحيد عندما نقول لا إله إلا الله محمد رسول الله. فلنتخلص من الشيطان الذى هو بداخل قلوبنا، فلنأخذ العبرة مما يحدث حولنا فى العالم الإسلامى، هم يريدون أن يتخلصوا من تلك الجبابرة، هذا حسن و لكن عليهم أن يتخلصوا من الجبابرة التى بداخل أنفسهم، و علينا أيضا أن نتخلص من الشيطان الذى هو بداخل قلوبنا. هذا هو الجبار الأعظم.

إذا كانوا هؤلاء الرؤساء مثل سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه و أرضاه لعم السلام على الأرض. لقد كان سيدنا عمر أكثر شخصية شديدة و قوية يخافها الناس و لكنه كان رحيما يأخذ الطعام على كتفية و يذهب إلى الفقراء لكى يطعمهم. إذا كان هؤلاء الرؤساء و أولوا الأمر مثل سيدنا عمر هل تظنون أن هؤلاء الناس سوف يتظاهرون؟ لا! أكيد لا! بل سوف يحبنوهم.

واحد من تلك الجبابرة يملك سبعون مليار دولار و شعبه يموت، و الآخر يملك خمسون مليار دولار و شعبه يموت و الآخر يحكم منذ أربعون عاما و عنده مئات المليارات و الآخر فى الجنوب يحكم منذ 33 عام. ما هذا؟ و كلهم يملؤون البنوك فى سويسرا. ماذا تملؤن؟ تملؤون الغرب و أوروبا. تأخذون ثروات الناس الفقراء، و لا تعطوهم غذاء و لا دواء، و تضعونها فى بنوك سويسرا و إنجلترا و أوروبا. من يستفيد من ذلك؟

لقد جاء شخص غنى إلى مولانا فى لندن و كنت جالس و قال: " يا مولانا أنا لا أخذ فائدة على أموالى التى فى البنوك." فقال له مولانا أنه خاطئ و عليه أن يأخذ الفائدة و يعطيها إلى الفقراء. كان سيدنا عمر يأخذ المال من الناس الذى لم يحصلوا عليه بالحلال ثم يعطيه إلى الفقراء. و لكنه لم يسمع نصيحة مولانا و لم يعمل بفتوى سيدنا عمر. و جاء العام التالى يبكى و يقول يا شيخى لم أعمل بنصيحتك، لقد كانت الفائدة على أموالى تساوى مائة و خمسون مليون جنيه إسترلينى، فقد كان ماله يساوى حوالى إثنين مليار جنية، ولأنه لا يحق للبنك أن يحتفظ بالفائدة فتم إعطائها لجماعات فى أفريقيا تقوم بالتبشير و تحويل المسلمين إلى مسيحيين، و تحمل صاحب المال هذا الذنب.

يا أيها المسلمون أنا لا قول إذا كانت الفائدة البنكية حلال أم حرام، و لكنى أقول أنه يجب علينا أن نكون حريصين فيما نفعل و أن نتقى الله. لو كان تلك القادة المسلمون مثل سيدنا عمر أو يشبهون أو يقلدون سيدنا عمر و الخلفاء الراشدون لعم السلام فى الأرض و لن نرى مسلم واحد جائع فى أى من أنحاء العالم. فليغفر لنا الله و يبارك لنا.

أقول قولى هذا و أستغفرالله العظيم، لى و لكم و لسائر المستغفرين، فيا فوزا للمستغفرين أستغفر الله.

الحمد لله حمدا كاملين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، سيدنا و نبينا محمدا و على آله و صحبه أجمعين، تعظيما لنبيه، و تكريما لفخامة شأن صفيه، فقال عز و جل من قائلاَ مخبرا و آمراَ : "إن الله و ملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه، صلوا عليه و سلموا تسليما،" اللهم صل على سيدنا محمد،الناهى أمته عن دار الجحيم، مفخر العرب و العجم مولانا و مولى العالمين المحترمين سيدنا أبى القاسم محمد، يا أيها المشتاقون نور جماله و المحتاجون شفاعته صلوا عليه، صلوا عليه و سلموا تسليماَ.

اللهم صلى على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم و على آل سيدنا إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد، و بارك اللهم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد. اللهم أغفر للمؤمنين و المؤمنات، و المسلمين و المسلمات، الأحياء منهم و الأموات، و إغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل فى قلوبنا غلاَ للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم، يا أرحم الراحمين و صلى الله على سيدنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

سبحانك ربك رب العزة عما يصفون، سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.

أقم الصلاة.

UA-984942-2