(مولانا الشيخ يقف).
دستور يا سيدي، مدد، يا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عليه صلاة الله، عليه سلام الله. لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، محمد حبيب الله، عليه صلاة الله، عليه سلام الله.
كل الثناء والمجد، لك يا ربنا. أنت خالقنا. اغفر لنا، وأرسل إلينا أنفاساً سماوية، تنعش بها أجسادنا وأرواحنا! كلنا لك يا ربي، يا ذا العزة والعظمة والجبروت! وصلاة وسلام لا ينتهيان لأشرف خلقك، الذي من أجله خلقت الخلائق كلها، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم امنحه من عطاياك، يا ربنا! اغفر لنا يا ربنا، أعنا بحرمته. (مولانا الشيخ يجلس).
السلام عليكم يا زوارنا ويا مستمعينا! أهلاً وسهلاً بكم. أنتم لا تأتون من أجلي. بل، مرادكم الوصول إلى المقامات السماوية. وكلما ارتقيتم درجة، أصبحتم أقل كثافة، وهكذا تتخلون عن كثافة أجسادكم وثقلها. لذلك، الصلاة والعبادة تضع الأعباء الثقيلة عن أكتافكم وتحرّركم منها.
يا علماء السلفية، ماذا تقولون عن قول الله عز وجل؟ أَستعيذ بالله،
"إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عََلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً"، (سورة الأحزاب آية 72).
هل هذه بالعربية أم بالتركية؟ إنها بالعربية، لسان القرآن الكريم. أنتم أكثر الناس جدارة، أن تفهموا العربية.
يقول الله سبحانه وتعالى إلى السماء، التي كنهها روحانية مطلقة، وليس فيها شيء من جوهر المادة، وإلى الأرض، "هذه أمانة مقدسة من عندي، أعرضها عليكم".
المادة التي خلقت منها السموات، تعكس أنوار حضرة القدس إلى تلك.
مدد يا سلطان الأولياء، مدد! إن لم تغيثوا العباد الضعفاء، فليس بمقدور أحدهم، أن يتكلم في مثل هذه المواضيع الدقيقة.. عندما يكلّف الله أحداً بحمل الأمانة، فسيعطيه القدرة على حملها، وإلا ستكون ثقيلة، ومستحيلة.. يا شيخنا الأكبر، يا سيدنا، اجعل فهم هذا الأمر سهلاً لعبدكم وللخلائق أجمعين، في هذا العالم. أنت المسؤول في هذا الأمر، ونحن نتوجه إلى حضرة مظهر وجودك المقدس، لأن وجودك الحقيقي، مفعم بالطاقة! من المستحيل، أن ينظر عامة الناس، إلى مثلهم، بالعين المجردة. لأن عيوننا المادية لا تتحمل أن تدنو وتنظر إليهم. يستطيع أن ينظر فقط، من كانت بصيرته مفتوحة. أن تنظر شيء، وأن تفهم شيء آخر. ومن يفهم، ليس كمن، ألبس ثوب هذا المقام المقدس.
أيها الإنسان! لا تعتقد أنك مخلوق بسيط ! ماذا قال سيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه؟ كان يقول: "تظن أنك جرم صغير، وفيك انطوى العالم الأكبر". نعم، كان سيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه يقول، أنت تظن نفسك مخلوق صغير، بطول متر ونصف، إلى مترين. وهذا هو معدل طول الإنسان. إن قصر قامة الإنسان عن متر ونصف، فسيكون شكله قبيحاً، وكذلك إن طال عن مترين، فسيكون أيضاً عملاقاً قبيحاً. وبالتالي، خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أكمل صورة. قصير للغاية أو طويل، للغاية، ليس جميلاً. لقد خلق الإنسان كامل الهيئة، سبحان الله! يقول الله سبحانه وتعالى، في كتابه العزيز، أستعيذ بالله،
"لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم"، (سورة التين آية 4).
لا تستطيع أن تتخيل شكلاً آخر للرجل ولا للمرأة، لتبدو هيئتهم أجمل وأحسن. ما رأيك، لو أن لديك أربعة أرجل؟ الناس، في زماننا، منهمكون في السعي وراء الدنيا، ويقولون لا يكفي ساقان! فماذا تقولون، أليس من الأفضل أن يكون لديكم أربعة أرجل؟ سيكون شكلك مثل الزرافة، طويل القامة. ما رأيك، أن يكون طولك كالزرافة؟ أليس جيداً، أن يكون ارتفاع قامتك 3 أمتار، أو 4 أمتار؟ تستطيع أن تجمع الأشياء من المرتفعات، من غير أن تستخدم الدرجات والسلالم. ما رأيك؟ سوف تجيب، "لا، لا، لا أحب أن أكون هكذا!"
وما رأيك أن تصبح رافع أثقال، مثل الذي يقدمونه في المسابقات؟ من يستطيع أن يرفع أثقل؟ أنا أقول، إذا أردت المسابقة، فتسابق مع الحمار. فهو دائماً يحمل أكثر من ضعفي ما تحمله أنت. يجب ألا تضع الميدالية الذهبية حول عنقك، بل عليك أن تضعها حل عنق الحمار. سيكون الحمار سعيداً جداً، وسيعبّر عن فرحه بنهيقه، "هاهييه، هاهييه، هاهييه". هل أنت سعيد؟ "نعم، أنا سعيد للغاية، لأنني أصبحت بطلاً!"
هل من أحد يدعي بأنه أقوى من الحمار؟ هل لدى أولئك الذين يرفعون الأثقال، إثبات على أنهم أقوى من الحمار؟ لا، أبداً! يكون الحمار دائماً أقوى منك. ربما يمكنك أن ترفع أثقالاً، وساقيك ترتجفان، ولكن لن تتمكن، أن تخطو خطوة واحدة. أما الحمار، فبمقدوره أن يمشي، وهو يحمل فوق ظهره ضعفي ما حملت أنت. إن كنت قد كسبت ميدالية، فيجب أن يكون ميداليتك من التنك. التنك، مناسب لك أكثر. أما الميدالية الذهبية، فالحمار أجدر بها منك، فيقول الحمار وهو غير راضٍ "لا، أنا لست راضياً، أنا أستحق ميداليتين ذهبيتين .."
أيها الناس! لا يمكن لأحد أن يتخيل أكمل صورة، مما عليه الإنسان. وماذا عن السيدات؟ كيف كن سيبدون، لو كانت لهن جناحان على ظهرهن؟ ربما سيقول زوجها، إن نامت معه في الفراش، "أبعدي عني جناحيك، فإنها تضايقني..!"
للملائكة أجنحة، ولكن هل تظن، أن خلقهم أهم من خلقنا؟ لا. لا شيء في الوجود، يمكن أن يصل إلى الكمال الذي فيه خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان. أين شكركم أيها البشر؟ أولست سعيداً أن الله عز وجل خلقك إنساناً، ولم يخلقك حماراً؟ ومع ذلك تشتكي؟ تشتكي من ماذا؟ ألأنَّ الله عز وجل لم يخلقك حماراً؟ لماذا تشتكي؟ عليك أن تقول، "الحمد والشكر لك يا رب، لأنك جعلتني من البشر، من بني آدم". وقد خلق الله عز وجل آدم في أكمل صورة، ’أحسن تقويم‘، ليس له مثيل من بين المخلوقات، وصل إلى هذا الحد من الكمال. ألا تخجلون، أيها البشر من أنفسكم، أن تشتكوا؟ مم تشكون؟ ألأنك لم تخلق حماراً أو كلباً أو ثعلباً؟
"يا شيخ، ماذا لو كنا مثل الدببة؟ الدب أفضل، لأنه يستطيع أحياناً، أن يمشي على أربع، وأحياناً يمشي على رجلين أيضاً". هل أعجبك؟ إن شئت دعوت لك، وتصبح وقد حوّلك الله تعالى إلى دب! ولكن الدببة تختلف عن بعضها في ألوانها، فمنهم الأبيض والأصفر والرمادي وبعضهم أسود والبعض الآخر مختلط الألوان. ماذا تفضل؟ "أنا لا أرغب أن أكون دباً". إذاً، لماذا لا تشكر ربك وتقول، "يا ربي! شكراً لك لأنك خلقتني إنساناً من بني آدم".
لذا نقول، أن المعرفة السماوية، التي جاءت عن طريق الأنبياء، ووصلت إلى الأتباع الحقيقيين. مثل هذه المعرفة، مُنحت للناس، لإيقاظهم من غفلتهم، ولتقدير ما وهبه الله سبحانه وتعالى لنا. يقول الله عز وجل،
"إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ والأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً"
يا علماء السلفية! ما المقصود بالأمانة، هل تعرفون؟ ماذا كانت تلك الأمانة؟ هل يمكنكم أن تخبروني بها؟ لا تقولوا دائماً هذا شرك وهذا كفر! علّموا الناس العلم الحقيقي، وهكذا سيعرفون الحلال والحرام. وقد بعث الله عز وجل الأنبياء لتعليم البشر الحلال والحرام. قوموا بتعليم الناس هذا، ومن ثم بإمكانكم أن تقولوا، "نحن علماء سلفيون". أخبروني، ماذا كانت الأمانة، التي ارتجفت منها السموات والأرض والجبال الشاهقة، مثل جبال الهملايا؟ وكانت الجبال على وشك أن تنهد وتصبح سهلاً، من خشية الله، (مولانا يثني جسده وينحني، وهو يقلد)، ولسان حالهم يقول، "يا ربنا، لا طاقة لنا على حملها!" ماذا كانت تلك الأمانة؟ هل تعرفونها؟ إن لم تكن تعرفها، "فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً"، (سورة الفرقان، آية 59). اسأل أرباب المعرفة.
أقول لكم ثانية، ابحثوا في الأرض، شرقاً وغرباً، عن أحد يخبركم بها أو يعلّمكم. ولا تعتقدنَّ بأنهم يعطون الجواهر الثمينة لأي أحد كان. ماذا تظن؟ أنتم أغنياء جداً، يا شعب المملكة العربية السعودية، تملكون الكثير من المجوهرات مثل : الياقوت الأحمر والأزرق والزمرد والماس واللؤلؤ وأشياء كثيرة أخرى. قولوا لي، هل كنتم ترغبون، أن تضعوا قلادة ثمينة، في عنق حمار؟ أجيبوني، فأرد عليكم وأقول، أنكم تعتقدون أنكم تعرفون شيئاً، ولكن في الحقيقة، لا تعرفون شيئاً! لأنكم تقومون بوضع قلادة ثمينة، مثل هذا، في أعناق بشر مستواهم لا يعلو عن مستوى الحمير!!
ما رأيك في أن تضع قلادة مرصعة بالأحجار الكريمة على رقبة الحمار؟ هل تظن أن هذا عمل مشرّف للإنسان؟ لا. إذاً، هل تعتقد أن مثل تلك العلوم القيّمة، تُمنح لأي كان؟ لا. إنها عطاء من رب السموات. أنتم لا تمنحون شهادة تخرّج لطالب، لم ينجح في تخصصه. وتعتقدون أن القرآن الكريم، المليء بالجواهر الثمينة، التي قيمة الواحدة منها، عشرات الأضعاف أو مئات الأضعاف من قيمة هذا الكون؟ ما هذا القول؟
"إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عََلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً".
يا ربنا! .. إن وضعت تلك لأمانة في أعناقنا، فربما نَهبَها منّا، بعض اللصوص أو قطاع الطرق أو المحتالون. إنما توضع مثل هذه في أعناق من يقدر على الحفاظ على تلك الجواهر الثمينة. أنت لم تصل إلى مثل هذا المقام. لذلك، لا يمنحها لك الله عز وجل. لا تدّعوا وتقولوا، نحن ’علماء سلفيون‘. أين العلماء؟ يقول الله تعالى،
"إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ"، (فاطر 28).
هل تعتقد أنك قد وصلت إلى الدرجة التي وصف به الله سبحانه وتعالى العلماء؟ هل تعتقد أنه لديك مثل هذا الخشوع، الذي تهتز به الجوارح، عندما تقول، "الله أكبر"؟ أنت لم تصل إلى هذه الدرجة. لذلك، لم تُمنح بعد. لا تقولوا، ’نحن علماء سلفيون‘، لا.
عليكم أن تسألوا، "كيف نصل إلى هذه الدرجة، التي يثني على أصحابها، الله سبحانه وتعالى؟" ويقول،"إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ". ليس عند أحد، مثل هذا الخشوع، ’خشية الله‘.إنما يوجد عند بعضهم. إنما هي خوف سماوي، قد امتزجت، بتعظيم وتكريم الله سبحانه وتعالى. لا تظن نفسك أصبحت شيئاً، بلبسك عباءة مطرزة الأطراف بخيوط من فضة وذهب!
إنها قصة قصيرة، أرددها، لأولئك الذين يعيرون اهتماماً شديداً لملابسهم وتيجانهم، ويفتخرون بهيئتهم. في زمن السلطان تيمور، الذي قدم من وسط آسيا إلى تخوم أوروبا. وهناك التقى بالملاّ نصر الدين. الكل يعرفونه! يدعوه العرب بجحا، ولكن جحا شخص آخر. ملاّ نصر الدين، ملاّ، بمعنى مولى. ’عتيق الرحمن‘، أولئك الذين لا حساب لهم عند الله عز وجل. إن الله سبحانه وتعالى يجعل لكل شخص خاصية منفردة. والخاصية التي لدى الملا نصر الدين، إضحاك الناس وجعلهم يتفكرون. ذات يوم دخل الملاّ نصر الدين في الحمام التركي، وصادف أن يكون السلطان تيمور خان هناك.قال تيمور خان للملا نصر الدين، "لو كنت عبداً، بكم كنت ستبيعني، في سوق النخاسين؟"
فأجابه الملا نصر الدين، "يا جلالة الملك، كنت سأبيعك، بعشرة دراهم". كان الدرهم آنذاك، من الفضة.
"ماذا تقول، يا ملاّ نصر الدين؟ أتريد أن تبيعني بعشرة دراهم، فقط؟ هذا الرداء الذي ألبسه يساوي لوحده عشرة دراهم، وماذا عني؟"
فقال الملا نصر الدين، "أنت؟ أنت لا قيمة لك. لن يدفع أحد مقابلك درهم واحد. إنما العشر دراهم مقابل ردائك. من سيشتريك أنت، وأنت تعرج؟".
فضحك السلطان من قوله. ولكن الملاّ نصر الدين كان يلقن درساً للبشر. يعتقد الناس، أن ثيابهم الحسنة ترفع من قيمتهم، لا. عندما تنظر إليهم جيداً، فلن تدفع مقابلهم ريالاً واحداً.
أيها الناس! استمع وحاول أن تتعلم شيئاً، يعينك في هذه الدنيا وفي الآخرة. إن عملت جهدك في إخضاع نفسك، فستُلبّس بحلة سماوية.
أيها الناس! حافظ على أوقات صلواتك. أكمل، أولاً، ما عليك من الفرائض، التي فرضها الله سبحانه وتعالى عليك، ومن ثم اسع وراء رزقك. لا تضيع كل أوقاتك، وأنت تسعى وراء رزقك، ولكن حاول أن تعيش كما يعيش عباد رب السموات! غفر الله لنا.
(مولانا الشيخ ينشد)
دوم دوم، دوم دوم
دوم دوم، دوم دوم
الفاتحة. يا الله، اغفر لنا. بسم الله.
(47 دقيقة)
شكراً لله. شكراً لله. الشكر لله. هذه الليلة، قليل من هذا وقليل من ذاك.
الله الله، الله الله
الله الله، الله الله
الله الله، الله الله
الله الله، الله الله