(مولانا يقف)
دستور يا سيدي، مدد يا سلطان الأنبياء! قفوا لإجلال ربكم، خالقكم! كل الثناء والمجد لربنا، الله عز وجل. من الأزل إلى الأبد!
أيها الناس! اعملوا جهدكم على أن تقدموا ثناءً وتعظيماً لحضرته تعالى، بقدر ما يمكنكم القيام بذلك، لتحظوا بالسعادة والهناء في هذه الدنيا وفي الآخرة.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد! الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير. أنت سبحان ، يا رب، أنت سلطان ، يا رب، سلطان مطلق سبحانك ما أعظم شأنك.
وندعوك، بتواضع ونقول: "اللهم ارزق أحب أنبيائنا إلينا، رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حضرتك وزده عزاً وشرفاً". بعد الله سبحانه وتعالى، من يستحق منا تعظيماً لا نهاية له، وكذا تشريفاً وتمجيداً، إنه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم! (مولانا يجلس).
السلام عليكم، أيها المستمعين! أيها البشر، استمعوا وأنصتوا، اسمعوا وأطيعوا، تعالوا واصغوا، لا تفروا. خذوا ما أعجبكم، وإن لم يعجبكم فاتركوه. إنه سوق كبير ـ ليس سوق خردوات. سوق الخردوات يناسبني (ضحك). ولكن بالنسبة لكم .. أنتم تحبون المظاهر. لذلك تبحثون دائماً عن الأفضل. وإنما أنا درويش ضعيف وفقير، أبحث عن الأشياء، التي تأتي من السماء لمنفعة الناس، مجاناً. على الجميع أن يأخذوا ما يشاؤون ويذهبوا. وأنا سأجمع ما تبقى منها.
أيها الناس! قوموا بجمع ما ينفعكم إلى الأبد! ولا تجروا وراء أشياء زائفة لا قيمة لها ولا بقاء. أو ربما يستمر بقاؤها إلى يوم القيامة، ثم تنتهي. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أيها الناس! فروا من الشيطان، واجتهدوا أن تكونوا صالحين. وإذا كنتم من الأشرار سوف تعاقبون.
ستُسألون من قََِبَل الله سبحانه وتعالى، "يا عبدي، هل عملت جهدك لتقدم لي أفضل ما عندك؟ يا عبدي، بل قدمت أسوأ ما عندك، أم أنك لم تقدم شيئاً؟ يا عبدي، هل أتيت إلي بخيرات الدنيا التي رزقتك إياها؟ ماذا فعلت بها؟ تركتها وراءك وأتيت إلي؟ أم أنك قدمتها لجلالتي ومجدي وسلطاني في المقامات السماوية؟ هل قدمتها لي، أم أنك قدمتها إلى الشيطان؟ قل لي، ماذا فعلت؟ لقد رزقتك خيراً كثيراً ونعما لا تحصى، وجعلتها تحت خدمتك وطلبك وإرادتك ورغبتك! وماذا فعلت أنت؟ هل استخدمتها للخير وقدمتها إلى حضرتي، أم ماذا؟"
رب السموات، إذا غضب، فغضبه الإلهي، يرعب الناس، حتى الأنبياء والرسل يخرّون على ركبهم هيبة ورهبة، من غضبه الإلهي! يخرّون على ركبهم من شدة الهول.
أيها الناس! ذلك اليوم آتٍ. فكروا في هذا الأمر! قدموا ما عندكم اليوم لذلك اليوم، لتصبح مقاماتكم السماوية، التي جعلها الله لكم، مثل الجنة، إلى الأبد. أنت تبعث وتقدم أعمالاً. أولاً، سوف يسألنا رب السموات، "ماذا قدمت من عمل لحضرتي، أخبرني؟ هل ظننت أني خلقتك كالبهائم التي لا تعقل؟ أم وهبتك أحسن ما وهبتُ جميع الخلائق؟ لقد مننتُ عليك بفضلي وإحساني، يا عبدي! ولكنك لم تقدم لي أحسن ما عندك! خذوه، واجعلوه مع قرينه الشيطان!"
يكفي أن يدعو الله عز وجل ويقول، "يا عبدي!"، نعم يكفي أن يخاطبك ربك يوم الحساب، "يا عبدي!" هذا يكفي، ولا تحتاج إلى استجواب آخر. فكر في هذا الأمر! إذا سألك خالقك، "يا عبدي! لقد مننت عليك بفضلي وإحساني! أم أنك تعتقد أني قدمت لك أسوأ ما عندي؟ ماذا تعتقد؟ لقد مننت عليك بفضلي وإحساني، هل كافأت إحساني بتقديم أحسن ما عندك؟" هذا هو السؤال!
أيها البابا، قل لأتباعك! يا رئيس الحاخامات، أنذر شعبك! يا عالم الإسلام الذين يجتهدون على أن يصبحوا غير مسلمين. الذين يقتفون أثر الغرب في كل مكان. والبلدان الإسلامية تصرّح قائلة، "نحن نحاول أن نصبح مثل الغرب". تفو عليكم! من يريد أن يصبح غربياً، وقد منحه الله أعظم تشريف؟ وتقولون، "نحن مستعدون أن نتخلى عن هذا لنصبح مثل الغربيين؟" ما قيمة هؤلاء في الحضرة الإلهية؟ ماذا ستكون قيمتك أنت أيضاً إن أصبحت غربياً؟ ما هي قيمتك في حضرة القدس؟
أيها البابا، يا بطاركة، يا رئيس الحاخامات، يا حاخامات، يا أساقفة وخاصة علماء المسلمين، إنني أنادي عليهم. إنهم لا يفتحون أفواههم ليعترفوا ويقولوا، "نحن مسلمون، ونطلب من ربنا أن يرزقنا رضاه!" ورضاه يمنح لمن اتبع أوامره.
أين هو شيخ الأزهر؟ أين علماء السلفية؟ أين الوهابيين؟ أين رؤساء الأفغان؟ أين رؤساء باكستان؟ أين علماء الأتراك؟ لمَ لا تنذرون شعوبكم؟ هل يريد الله أن يكون عباده ديمقراطيين، ولا رأسمالية أو إشتراكية أو ’شيطانية‘؟ أبلغوا أقوامكم، بأن أياماً عسيرة قادمة إلينا. "هرمجدون"(الحرب الكونية) على الأبواب! بعد أسابيع سيحدث شيء، وذاك سيكون بدايته! "إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ" ( سورة المعارج، آية 10).
غضب ربكم آتي. وسيقع أولاً على المسلمين، الذين يطلبون أن يكونوا مثل الغرب. الذين ينبذون الإسلام ويستوردون كل ما عند غير المسلمين أو الغربيين. نحن لا نقبل هذا! نحن لا نقبل! إحفظوا ما نقوله الآن، أيها المستمعين، خاصة المسلمين، والبشر عامة، إلى ماذا يدعوك ربك وما الذي يطلبه منك، " يا عبدي! هل تعتقد أنني مننت عليك بفضلي وإحساني؟ بماذا سترد على ربك وخالقك؟؟ ألا تستحي أن ترد وتقول، "لا يا رب! نحن لا نخجل أن نقرّ بأننا ’ملحدون‘!" ألا تخجل أن تعترف بأنك ملحد؟ ما هذا الهراء؟ ما هي الاشتراكية؟
يا عالم الإسلام، لماذا تنقسمون إلى سبعين فرعاً أو أكثر؟ (طبقاً للحديث الشريف)، يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، "ستفترق أمتي ثلاثاً وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة" ، قيل: ومن هم؟ قال: "الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي" (الترمذي)، وفي رواية عن أنس: "تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة، إني أعلم أهداها"، (هامش الميزان).
معنى الحديث: أن الأمة ستترك نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وستفترق على 73 فرقة. وفرقة واحدة فقط ستبقى على الحق وعلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. عندما يسأل الله عز وجل عباده ويقول، "هل تعتقدون بأنني قد مننت عليكم بفضلي وإحساني؟ فقط فرقة واحدة من 73 فرقة، قد تجيب، "نعم"، لأن الفرق الأخرى قد غيّرت وشذّت عن الحق، وعن الصراط المستقيم، الذي أمر به خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، أن يدعو إليه جميع الأمم! هل تعتقدون أن الفرقة الناجية والمقبولة، فرقة أهل الجنة ـ هل تعتقد أنهم ديمقرطيون أو ليبراليون؟ أم أنهم اشتراكيون أو شيوعيون؟ أم أنهم ماركسيون أو أنهم ’قرديون‘؟ ... ألا يوجد ’قرديون‘؟ ربما! (ضحك).
يا شيخ! هناك خبر عن انتشار وباء إنفلونزا الخنازير، ويتساءلون: كيف نقي أنفسنا من هذا الوباء؟ فيجيب أحد الفلاسفة قائلاً، " أيها الناس، كونوا خنازير، فتكونوا بأمان، لأن الفيروس سيعرف أنك خنزير ولن يصيبك. ولا حاجة للتطعيم!"
اسمعوا ما يقوله الشيطان! يقول لك، "نحن مثل الخنازير، لذا سنكون بأمان!" من أجل ذلك، ينزل الغضب السماوي ويقترب!
كان نمرود قد جهز جيشاً لمحاربة إله إبراهيم عليه السلام، وطال انتظاره، فقال لسيدنا إبراهيم عليه السلام، "قل لي، أين جيش إلهك؟ أنا هنا جاهز للقائه، مع عدد لا يحصى من الجنود". فرد عليه إبراهيم عليه السلام، "اصبر قليلاً ..." ولم يكمل حديثه، وإذا بـ ... "أنظر، إنه قادم الآن!" " أين هو؟" ثم ظهر للتو شيء ما في الأفق، أشياء صغيرة سوداء، مثل غمامة سوداء. فقال سيدنا إبراهيم عليه السلام، "جيش ربي قادم، فاحذر يا نمرود!" فأصيب نمرود بالذعر، ولم يدرِ ما يفعل، فبدأ يسمع صوتاً مزعجاً، ونظر إلى الأفق، ليرى مصدر الصوت، "هوو وو وو وو وو م م م م م م م م م م"، والصوت يرتفع ويرتفع، كلما اقتربوا يرتفع أكثر، ووصلوا أخيراً إلى نمرود وجيشه. وشلّت هذه الضجة جهازهم العصبي! ثم بثّت الذعر في صفوفهم، مع أنهم كانوا مدججين بالسلاح، ومسلحين بالحديد من رؤوسهم إلى أخمص أقدامهم. وعمّت هذه الضجة، "هوو وو وو وو وو م م م م م م..." كل مكان. وتساقط الجنود قبل أن يصلوا إليهم!
أيها الناس! أنا عبد ضعيف، ولكن رب السموات أسمعني بأذني، قرع طبول "هرمجدون"، التي ستقضي على ستة أشخاص من بين كل سبعة. من السبعة يبقى واحد فقط، والباقي يموتون. "وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ".
يا علماء الأزهر، يا علماء الحجاز، يا علماء المدينة المنورة،على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم. ويا شعب العراق، لا تقوموا بتلك التفجيرات! عيشوا بهدوء! جهزوا أنفسكم واعملوا جهدكم لتتوبوا إلى ربكم. يا ربنا! يا ربنا! ... أيها البابا، أنذر أتباعك، الأمة المسيحية التي تفننت باختراع الأسلحة الرهيبة، وحذّرهم ألا يقوموا بذلك! أيها الناس! إن رب السموات، لم يخلقكم ليفني بعضكم بعضاً، ولكن أمركم أن تكونوا من المحسنين! أليس هذا هو الحق؟
قداسته الذي يعيش في قصور روما، يأتي من وقت لآخر، ليخاطب الناس، ولكن صوته لا يصل إليهم .. حتى النملة، لا تسمعه. تحدث بصوت جهوري!
أنا عبد ضعيف. أنا لا شيء ولكن أنادي بأعلى صوتي! يقولون، يستمع إلي الناس من الشرق والغرب. عليك أن تسمع، عليك أن تنصت، وعليك أن تطيع! وإلا "هرمجدون" قادمة، قادمة، قادمة في أسوأ ما يكون!
أيها الناس! لا تظنوا أني أصرخ عليكم، لا. بل، على نفسي أصرخ وأحذّر. وليحذر كلٌ نفسه، لأن النفس دائماً مع الشيطان، والشيطان دائماً، ضد أوامر ربه عز وجل. أيها الناس! اعملوا جهدكم كي تفهموا ما أقوله من عند الربانيين، في هذه الليلة المباركة، وهو من كلام ربك المكتوب في العهد القديم والعهد الجديد، والزبور والقرآن الكريم، ومن كلام جميع الأنبياء، الذين أُنزل عليهم الوحي. إنه مكتوب، والجميع يعرف أن الله عز وجل سائله:
ـ "يا عبدي، مننت عليك بفضلي وإحساني، ألا تعتقد ذلك؟"
ـ "نعم، لقد أحسنت إلينا، لك المنّ يا ربنا".
ـ "وأنت، هل قدمتَ أحسن ما عندك؟"
يكفي لجميع الأديان والكتب المقدسة، أن تذكّرك هذا الأمر، أن يوماً ما ستقف أمام حضرة الله سبحانه وتعالى، فيسألك، "يا عبدي، ألم أمنن عليك بفضلي وإحساني؟" من الذي يقدر أن يجيب، "لا؟" إنما عليهم أن يجيبوا، "لقد غمرتنا بفضلك وإحسانك".
" يا عبدي، هل تعتقد أنك قدمت أحسن ما عندك؟"
يا مستمعيَّ! إلى أين الفرار؟ عليك أن تصغي إلى هذا، وإلا فالغضب السماوي على الأعتاب، آتٍ ليأخذ من كل سبعة أشخاص ستة، ويبقى واحد. أنتم تعرفون! أنتم تعرفون! أنتم تعرفون ...!
(مولانا ينشد)
دوم دوم دوم دوم
دوم دوم دوم دوم
دوم دوم دوم دوم
دوم دوم دوم دوم
أيها المسلمين، لن تنجوا أبداً، عندما تُسألون في الحضرة السماوية، "هل تعتقد أنك قدمت أفضل ما عندك؟" فتجيبون، " يا ربنا! كنا نبني المباني العالية، ناطحات السحاب، واقتفينا أثر الغرب شبراً بشبر، وفعلنا أكثر منهم!"
أين أمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر يا علماء السلفية، ويا أمراء ويا ملوك ويا سلاطين؟ وأين نصائحكم للحجاج وعامة الناس وللعالم الإسلامي؟ انصحوهم، أن يكفوا عن القتل وأن يحضروا جواباً ليوم الحساب في حضرة الله سبحانه وتعالى، عندما يسألهم، "يا عبدي، مننت عليك بفضلي وإحساني، وأنت هل قدمت لي أحسن ما عندك؟"
لا، لن ينفعك مئات الكتب، ولا آلاف الكتب، إن لم تستطع أن تجيب، " يا ربي! حاولت جهدي لأقدم لك أحسن ما لدي!" إن لم تتعلم، أن تقول هذا، فحياتك ذهبت سدىً.
أيها الناس! هذه الليلة، ليلة مباركة، وغضب مقدس، قد اقترب، يجعلني أثور مثل البركان، وإنني شديد الخوف من عتاب الله سبحانه وتعالى! يا ربنا، اغفر لنا، اغفر لنا، اغفر لنا!!!
أكاد أبلغ المئة، ولا أطلب من الدنيا شيئاً، ولا من الملوك والسلاطين، أو من أي شخص كان، لا. لا.أيامي ستنقضي، كما أن أيامكم ستنقضي. إنني أدعو وأنادي بأعلى صوتي، وأحذّر وأنذر جميع الناس في هذا العالم! لن يجرؤ أحد على أن يعترض على كلامنا الليلة. الله جل جلاله سيسألك:
"يا عبدي، مننت عليك بفضلي وإحساني، فهل تعتقد أنك قدمت لي أفضل ما عندك؟"
انتهى! أكتب هذه وتعلمها، وإلا سوط سماوي يقترب، و’هرمجدون‘ على الأبواب!
توبة يا ربي، توبة يا ربي، توبة، أستغفر الله، توبة، أستغفر الله! بجاه أشرف وأفضل العالمين، اغفر لنا وابعث لنا من يرشد، عبادك الضعفاء، إلى طريق النور، لترضى عنا، بحرمة أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
الفاتحة.
(45 دقيقة)، هذا يكفي. سبحان الله، أستغفر الله، أستغفر الله.