Available in: Arabic   English   Bahasa   Go to media page

ماذا يجب علينا فى عصر الفتنة و فى ضوء أحداث الشرق الأوسط؟

مولانا الشيخ محمد هشام القبانى

خطبة الجمعة

4 مارس 2011

مسجد الصديق - ميشيجان

الولايات المتحدة الأمريكية

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،

إن الله و ملائكته يصلون على النبى، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما، اللهم صل على سيدنا محمد، من على الأنبياء تقدم، و كان أفصح العالمين منطقا إذا تكلم، سيدنا و نبينا أبا القاسم محمد، اللهم يا ربنا زده شرفا و كرما و تعظيما و إجلالاَ و قدراَ، و صلى و سلم و بارك عليه و على آله و صحبه أجمعين،

الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حى على الصلاه، حى على الصلاه، حى على الفلاح، حى على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.

الحمد لله، الحمد لله، نستعينه و نستغفره و نستهديه، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا، من يهدى الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادى له، و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و لا مثيل له، فى علو شأنه و عظيم سلطانه، و نشهد أن سيدنا و سندنا و مولانا محمدا عبده و حبيبه و رسوله أرسله من أرجح العرب ميزانا و أفصحها بيانا فأوضح الطريقة و نصح الخليقة صلى الله تعالى عليه و على آله و اصحابه وأزواجه و أولاده و زريته و خلفائة المهديين من بعده ووزرائه العاملين فى عهده، خصوصا منهم على الأئمة خلفاء رسول الله على التحقيق، أمراء المؤمنين، حضرات أبو بكر وعمر و عثمان و على ذو القدر الجليل وعلى بقية الصحابة و التابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

أيها المؤمنون الحاضرون أتقوا الله و أطيعوه أن الله مع الذين إتقوه والذين هم محسنون.

أيها المسلمون المؤمنون أن الله سبحانه و تعالى قد إوحى إلى رسوله صلى الله عليه و سلم، و الرسول ذكر لنا فى حديث صحيح : "إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي فاكسروا قسيكم وقطعوا أوتاركم واضربوا بسيوفكم الحجارة فإن دُخِلَ على أحدكم بيته فليكن كخير ابني آدم.‏ (رَواهُ أبو داود في كِتابِ الفِتَنِ)

و قال الرسول صلى الله عليه و سلم فى حديث آخر أنه سيكثر الهرج أي ويكثر القتل.. لا يدري القاتل على أي شيء قتل و لا يدري المقتول على أي شيء قتل. و فى هذين الحديثين اللذان يتنبآن بوقت آخر الزمان و علاماته، نرى بالظبط ما يحدث فى هذه الأيام، لا يعلمون لماذا يقتلون ومن يقتل لا يعرف لماذا قتل، و ذلك لأن من قتل يحاول أقصى جهده أن يحسن من حاله و من قتل قد دفع للقيام بالقتل، و لقد ذكر الرسول صلى الله عليه و سلم فى الحديث الآخر:" إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي." و هذا يعنى أننا لا يجب أن نتدخل أو نأخذ صف مجموعة ضد الأخرى، و ذلك لأن لكل مجموعة أخطاء و مشاكل و نواقص، و لا نستطيع أن نأخذ صف مجموعة ضد الآخرى. و علينا أن نترك الحكم لله سبحانه و تعالى. لقد قال الرسول صلى الله عليه و سلم:

" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. (رواه مسلم)، و ذلك من خلال الدعاء و الصلاة.

قال الله سبحانه و تعالى فى القرآن الكريم: " كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا".

( قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:38)

هذه الأيام كلما تأتى مجموعة أو حزب جديد يلعن من قبله و سو ف يكون طاغية كمن قبله، وفى تفسير العديد من الآيات القرآنية أن الله سبحانه و تعالى هزم الأحزاب وحده، أن الله سبحانه و تعالى لا يحب الأحزاب، لا يحب أن نأخذ صف جماعة ضد الأخرى و نتسبب فى حدوث فتنة و قتل، لقد خلق الله سبحانه و تعالى لعبادته، ومن تفسير الأحاديث المهمة للرسول عليه الصلاة و السلام إذا كان هناك طاغية على أمة، ملك كان أو رئيس أو أمير و هو طاغية، فاذهبوا و أطلبوا من الله سبحانه و تعالى أن يغير قلبه من طاغية إلى شخص معتدل و صادق و تقى و مسالم. لا تذهبوا لمحاربة الطغاه فسوف يكون هناك سفك للدماء، كم عدد القتلى فى الشرق الأوسط؟ و ماذا حدث من تغيير إيجابى؟ لا شىء! و إذا ذهب طاغية يأتى طاغية آخر. يا أيها المسلمون أنها ليست بلد واحدة بل إنها علامات آخر الزمان: "ستكون فتن كقطع الليل المظلم"، بدأت الفتنة فى تونس وما زالت تتحرك و قد لا تنتهى، حيره و فتنة كبيرة، فواجبنا أن نمكث فى أماكننا و ندعى الله سبحانه و تعالى. أولياء الله و المشايخ الصالحة و ليس المشايخ التى تبحث عن السياسة و المراكز السياسية، و لكن المشايخ و العلماء الصادقين سوف يقولون لك لا تشارك فى هذه الفتنة لأن الله سبحانه و تعالى سوف يلعن الطرفين لأن الطرفين يتسببون فى سفك الدماء، أيها المسلمون و كل هذا يأتى من الفساد. الفساد يستمر، و يستمر، و يستمر،ثم ينفجرفى النهاية. يا زعماء البلاد الإسلامية التى ليس بها مظاهرات، حاولوا أن تعطوا الناس حقوقهم لكى تداركوا حدوث مشاكل و فتن و سفك للدماء.

كان الرسول عليه الصلاة و السلام يمر عندما رأى شخصاَ قد إنتفخت وجنتاه من الغضب و أصبح وجهه أحمر. فقال الرسول صلى الله عليه و سلم أنى أعلم كلمتين إذا قالهما هذا الرجل

فسوف يرجع إلى طبيعته:" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم،" لأن إذا أتى الشيطان و يدخل الغضب فى نفسك لا تستطيع أن تتوقف أو تتحكم فى نفسك و تصبح سكران بالغضب ، و لقد قال الرسول عليه الصلا ة و السلام لسيدنا أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه و أرضاه يا أبو بكر" أن الغضب كفر" أى يحول الشخص من مؤمن إلى كافر لأنك قد تقول أشياء و لا تعرف ماذا تقول، قد تلعن و لا تدرى من تلعن، يا أيها المسلمون إخرجوا الغضب من قلوبكم، و أتركوا الناس، أعطوا الناس النصيحة للعيش فى سلام، من غير الذهاب و محاوله سفك الدماء بلا سبب، سوف يكون كل واحد مسئول يوم القيامة على سفك الدماء و القتل. إذا رأيتم إناس يتظاهرون فى الشارع إتركوهم يتظاهرون فى سلام، لاتتشبثوا بالكرسى، اليوم الجميع يريدون الكرسى و لا يريدون أن يتركوه. إن الله سبحانه و تعالى لا يحب من إرتبط قلبه كثيرا بالشىء الزائل، تلك المناصب ليست أبدية، أنها مناصب مؤقتة، تجلس بها أربعة أعوام أو خمسة أو ستة أو سبعة، يكفى، أعطى الفرصة لشخص آخر ليتحمل المسئولية، لماذا تريدون المكوث ثلاثون أو أربعون عاما فى السلطة، ثم الثوريث لأولادكم و أحفادكم؟ أعطى إناس آخرون الفرصة لتحمل المسئولية و ذلك لأنكم تقومون بأخطاء كثيرة و سوف تحاسبون عليها. ياربى إجعلنا بعيدين عن تلك المناصب و إجعلنا متصلين فقط بحب النبى صلى الله عليه و سلم، هذا هو أحسن شىء نستطيع أن نحاول عمله فى إجتماعتنا و صحبتنا. لقد قال الله سبحانه و تعالى فى القرآن الكريم:

((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) (سورة الإسراء- الآية رقم 1)

إن الله سبحانه و تعالى يمدح نفسه عندما يقول "سبحان الذى". الله يمجد نفسه بنفسه لأن لا أحد يستطيع أن يمدحه، و لكى يظهر عظمة الإسراء و المعراج، و هى حقيقة يصعب الكلام عنها. فهو يقول سبحانه و تعالى إنها حقيقة لا تستطيعون إدراكها بعقولكم، أنا أسبح نفسى بنفسى و ذلك من خلال إحضار سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم إلى قاب قوسين أو أدنى. أن الله سبحانه و تعالى يظهر لنا عظمة تجلى هذة القدرة الإلهية بتمجيد قدرته عندما يقول " سبحان الذى". نحن نقول "سبحان الله" و يقول الله " سبحان الذى" و هى عائدة على الله سبحانه و تعالى: "سبحانى ما أعظم شأنى"، " سبحان الذى أسرى بعبده". حقيقة لا يدركها أحد سوى الله سبحانه و تعالى عندما يمجد الله نفسه ليس كما نمجده نحن: بعظمة مجدى أتكلم عن عظمة إحضار عبدى إلى قاب قوسين أو أدنى. فهذا هو واجبنا الأحسن و ذلك لأن الحياة الدنيا قصيرة. كم سيطول عمرنا؟ مائة عام، سبعون، ثمانون، تسعون؟ أحسن طريق وعمل لنا أن نصلى على الرسول عليه الصلاة و السلام، و نسبح الله سبحانه و تعالى. هذا هو واجبنا و عملنا فلماذا تغضبون؟ هذا لم يطيعنى و هذا لم يحترمنى، و هذا إستعبدنى .... يجب أن تكون سعيد أن الناس قد إستعبدوك. لأنك لن تستعبد مرتين، إذا كانت تلك المجموعة من الناس قد عذبتك و إستعبدتك فإن الله سبحانه و تعالى سوف يرفعك إلى مرتبة عبده، و هى مرتبة أعلى. لأنك قد مريت بهذا الإمتحان من قبل، قد مر به بعض منكم، فكونوا سعداء و إفتحوا قلوبكم، و بالأخص أوجه كلامى إلى الأمريكان من أصل أفريقى، لا تحتفظوا بذلك فى نفوسكم،" أننا كنا مستعبدين"، الإستعباد كان وضع مؤقت لكى تأخذون منه إلى عبودية الله سبحانه و تعالى. الذين لم يذوقوا الإستعباد فى الدنيا سوف يذوقونه يوم القيامة. و الذين قد أذاقهم الله سبحانه و تعالى الإستعباد فى الدنيا سوف يأخذهم فى الآخره إلى مرتبه العبودية له مباشرة يوم القيامة و هى مرتبة الطاعة و يرفع الله درجاتكم . فلا تحتفظوا فى قلوبكم " كنا مستعبدين. كنا مستعبدين. كنا مستعبدين ". كلنا مستعبدين من أنفسنا، و نطلب من الله سبحانه و تعالى أن يخلصنا من عبودية أنفسنا، و أن نكون دائما نصلى على النبى. "يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه"، صلوا على النبى:

قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (الأحزاب:56)

قال الرسول الكريم: "من صلى على مرة صلى الله بها عليه عشر".

و عندما يقول لنا الله سبحانه و تعالى أنه سوف يعطينا عشر أضعاف فأن ذلك ليس له حدود. صلواتنا لها حدود، و لكن صلاة الله ليس لها حدود. يا أيها المسلمون كونوا أتقياء و مخلصين و حبوا الله و رسوله و حبوا خلق الله، لا نستطيع أن نكون ضد من خلقة الله سبحانه و تعالى. الله سبحانه و تعالى قد خلق الخليقة و هو أحسن من يحكم. يارب إغفر لنا و بارك لنا فى هذا اليوم، الجمعة.

أقول قولى هذا و أستغفرالله العظيم الذى لا إله إلا هو الحى القيوم و أتوب إليه،

الحمد لله حمدا كاملين و الصلاة و السلام على ، سيدنا و نبينا محمدا و على آله و صحبه أجمعين، تعظيما لنبيه، و تكريما لفخامة شأن صفيه، فقال عز و جل من قائلاَ مخبرا و آمراَ : "إن الله و ملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه، صلوا عليه و سلموا تسليما،" اللهم صل على سيدنا محمد،الناهى أمته عن دار الجحيم، مفخر العرب و العجم مولانا و مولى العالمين المحترمين سيدنا أبى القاسم محمد، يا أيها المشتاقون نور جماله و المحتاجون شفاعته، صلوا عليه، صلوا عليه و سلموا تسليماَ.

اللهم صلى على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم و على آل سيدنا إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد، و بارك اللهم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد. اللهم أغفر للمؤمنين و المؤمنات، و المسلمين و المسلمات، الأحياء منهم و الأموات، و إغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل فى قلوبنا غلاَ للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم، يا أرحم الراحمين و صلى الله على سيدنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

سبحانك ربك رب العزة عما يصفون، سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.

إن الله يأمر بالعدل و الإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء و المنكر و البغى، يعذكم لعلكم تتذكرون، ولذكر الله أكبر و الله يعلم ما تصنعون.

أقم الصلاة.

UA-984942-2